بداية الظلم على الأرض
إن أول ظلم كان على وجه الأرض وهى قصه معروفه ما سوف نقرئها في قوله سبحانه
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }المائدة27
لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ }المائدة28
إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ )
لقد قتل ابن ادم أخوه بسبب الغيرة والحسد فأصبح ظالما وليس هناك مأوى للظالمين إلا النار ولم يكتفي العقاب لألهى عند هذا الحد بل عجلت له العقوبة في الدنيا فعلقت ساقه إلى فخذه وجعل وجهه إلى الشمس كيفما دارت تنكيلا به وتعجيلا لذنبه وبغيه وحسده لأخيه . وهذا قول الحبيب الذي ذكرناه من قبل
قال الحبيب صلى الله عليه وسلم(" مَا مِنْ ذَنْبٍ أَحْرَى أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِصَاحِبِهِ فِيهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا ، مَعَ مَا يَدَّخِرُ فِي الآخِرَةِ ، مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَالْبَغْيِ )
وقال عليه الصلاة والسلام (لا تُقتل نفسٌ ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل ) أليس إذن الظلم ظلمات يوم القيامة
نــــــــــــوح عليه الســـــــــــلام :كان هلاك قوم نوح لظلمهم أنفسهم وعدم إيمانهم بالله ورسوله
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }الأعراف59
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ }المؤمنون23
{أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ }نوح3
«يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ» .. كلمة الحق التي لا تتبدل ، يقوم عليها الوجود ، ويشهد بها كل ما في الوجود.وانتهت مرحله الظلم الأولى وهى الكفر وبدأت المرحلة الثانية وهى البغي
ولم يكتفوا بذلك بل طلبوا منه {وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ }هود31
{وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ }هود29
{وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ }الشعراء114
أى ليست أريد منكم أجرا إن اطلب ذلك إلا من الله الذي ثوابه خيرا لي وابقي مما تعطونني انتم وكأنهم طلبوا منه أن يبعد هؤلاء عنه ووعدوه أن يجتمعوا به إذا هو فعل ذلك فأبى عليهم ذلك، 0(إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ) أي فأخاف إن طردتهم أن يشكوني إلى الله عز وجل .
(وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ }هود27وقد روى أنهم قالوا :يا نوح إن أحببت أن نتبعك فاطرد هؤلاء ,
وقد طلب كفار قريش من الرسول عليه الصلاة والسلام أن يطرد ضعفاء المؤمنين مثل عمار وصهيب وبلال فنهاه الله عن ذلك كما قال في سوره الكهف
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف28
فلعلك يا آخى تريد أن تقول وماذا تستفيد من قصه الازدراء وهى عدم احتقار أى شخص من المؤمنين وجعل احتقارهم ظلما ووصف من يحتقرهم بالظلم وانظر عاقبه الظالمين. ونصح الإمام على ابنه فقال له ( يا بني لا تستخفن برجل تراه أبداَ , فإن كان أكبر منك فعد انه أبوك، وان كان في مثل عمرك فإنه أخوك وإن كان أصغر منك فاحسب أنه ابنك .
ومع هذه المدة الطويلة فما آمن به غير القليل منهم وكان كلما انقرض جيل وصوا من بعدهم بعدم الإيمان به ومحاربته وخالفته .
لقد دعا نوح قومه بالليل والنهار والسر والجهر بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى وكل هذا لم ينجح معهم {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً }نوح7
فماذا نستفيد من هذا الجزء أقول والله اعلم أن الإنسان متى وجد داعي الله فليستجبن له ولا يجعل أذنا من طين وأخرى من عجين كما يقول ويفعل كقوم نوح الذين احتقروا الضعيف ولم يكرموا الضيف ولم يستجيبوا لله ورسوله
فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة186
{لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ }الرعد18
{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }القصص
فجعل عدم الاستجابة لله وإتباع الهوى ظلما للنفس فانظر ماذا فعل الله بقوم نوح لعدم استجابتهم له لو تقبل الله عمل ظالم ودعوه نبى لتقبل دعوه نوح فى ابنه ولكن انظر ماذا حدث {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }هود46
هذا نوح عيه السلام وهؤلاء قومه فانظر ماذا كانت العاقبة
{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً }نوح25«
ولا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ».
فسنة اللّه لا تحابي ، ولا تنحرف عن طريقها الواحد المستقيم ، من أجل خاطر ولي ولا قريب . «فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ ، فَقُلِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. وَقُلْ : رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ..... فهكذا يحمد اللّه ، وهكذا يتوجه إليه ، وهكذا يوصف - سبحانه - بصفاته ، ويعترف له بآياته. وهكذا يتأدب في حقه العباد ، وفي طليعتهم النبيون ، ليكونوا أسوة للآخرين.
ثم يعقب على القصة كلها ، وما تتضمنه خطواتها من دلائل القدرة والحكمة :
«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ ، وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ» ..
والابتلاء ألوان. ابتلاء للصبر. وابتلاء للشكر. وابتلاء للأجر. وابتلاء للتوجيه. وابتلاء للتأديب. وابتلاء للتمحيص. وابتلاء للتقويم .. وفي قصة نوح ألوان من الابتلاء له ولقومه ولأبنائه القادمين ..
{سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ }
يا من تحل بذكره **** عقد النواب والشدائد
يا من إليه المشتكي **** واليه أمر الخلق عائد
يا حي يا قيوم يا *** ** صمد تنزه عن مضاد
أنت العليم بما بليت *** وأنـــــــت عليه شاهد
أنت المنزه يا بديع *** الخلق عن ولد ووالد
أنت الرقيب على العباد*** وأنت فى الملكوت واحد
أنت المعز لمن أطاعك*** والمذل لكل جاحــــــــد
أنى دعوت والهموم جيوشها *** قلــــــــبي تطارد
فرج بحولك كربتي *** يا من له حسن العوائد
أنت الميسر والمسبب*** والمسهل والمساعد
يسر لنا فرجا قريبا *** يا الهي لا تبـــاعد
فخي لطفك يستعان به *** على الزمن المعاند
كن راحمي فلقد أيست *** من الأقارب والأباعد
وعلى لعدا كن ناصري *** لا تشمتن بى الحوا سد
ثم الصلاة على النبي*** وآله الغر لأمجـــــــــــــــاد
ما جن ليل أو سجى *** أو خر للرحمن ساجـــــد
هؤلاء قوم هود عليه السلام {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ }الأعراف
{وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ }هود59
{كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ }القمر18
{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }الأحقاف21
فانظر إلى عاقبه ظلمهم وكفرهم بآيات الله ورسله وكفرهم بنعمه الله وعدم تطبيقهم لمنهج الله في الأرض {وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }هود60
صالح عليه الســـــــلام : {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }الأعراف73
فانظر العاقبــــــــــــة {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ }هود
{فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }النمل52
{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }فصلت17
وفى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما مر بديار قوم صالح , لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا إن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم .
مناظره إبراهيم الخليل مع مدعى الربوبية
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فأت بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }يذكر تعالى مناظره خليله مع الملك الجبار المتمرد الذي ادعى لنفسه الربوبية
فأبطل الخليل عليه السلام دليله وبين كثره جهله وقله عقله وألجمه الحجة وأوضح له طريق المحجة .ولي بعد هذا الكفر كفر , وليس بعد هذا الشرك شرك, آيات بينات ,وعلامات ومعجزات وكفر من أصحاب العقول الناقصات .( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)
لــــــــــــــــــــوط عليه السلام: {وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ }الأعراف80
{وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ }العنكبوت28
{أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ }العنكبوت29
{وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ }الأنبياء74{ الذنب
وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ }العنكبوت31
{قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ }العنكبوت32
{وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ }الأنبياء74
هذه الآيات لا تحتاج إلى تفسير هذا هو الذنب وهذا وهو جزاء الذنب فلا مبدل لكلمات الله وإنا لله وإنا إليه راجعون .
الفقهاء واللواط
إن جريمة اللواط من اكبر الجرائم ,وهى من الفواحش المفسدة للخلق وللفطرة وللدين والدنيا ,بل وللحياة نفسها ,وقد عاقب الله عليها لأقصى العقوبة فخسف الأرض بقوم لوط وأمطر عليهم حجارة من سجيل جزاء فعلتهم القذرة . وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل فاعله ولعنه فيما رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ,فاقتلوا الفاعل والمفعول به )
وقد شدد الإسلام في عقوبة هذه الجريمة لآثارها السيئة واضرارها على الفرد والجماعة ,ومع إجماع العلماء على حرمه هذه الجريمة ,وعلى وجوب مقترفيها بالشدة إلا أنهم اختلفوا في تقدير العقوبة .
المذهب الأول : يرى بقتل الفاعل والمفعول به كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم
وعن أبى بكر : أنه جمع الناس في حق رجل ينكح كما ينكح النساء . فسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فكان من اشدهم يومئذ قولا على بن أبى طالب رضي الله عنه حيث قال (هذا ذنب لم تعص به أمه من الأمم ,إلا أمه واحده صنع الله بها ما قد علمتم ، نرى أن نحرقه بالنار , فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد يأمره بحرقه بالنار ) انتهى
المذهب الثاني : إن هذا الفعل نوع من أنواع الزنا ,ألانه إيلاج فرج في فرج ،فيكون اللائط والملوط به داخلين تحت عموم الادله الواردة في الزاني المحصن والبكر ويؤيد هذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان ) .
موسى عليه السلام : إن قصه موسي وما ذكره القرآن فيها لمعركة حربيه كبرى فيها طرفان خاسران وصفا بالظلم وهما قوم موسى وفرعون ولا اختلاف بينها فكلاهما ظالم نفسه انظر أولا إلى فرعون وما أعطاه الله من نعمه فكيف استكبر وكان عاليا من المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون
{ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ }الأعراف103 فليس هناك ظلم أكثر من عدم الاستجابة لدعوه نبي {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }الشعراء10
{فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الشعراء16
{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ }الشعراء23 كبر واستعلاء
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ }غافر26 كذب وافتراء
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ }غافر36 استعلاء
{أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ }غافر37
{وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ }الزخرف51 الملك والعرش والكرسي والمنصب
انظر إلـــــــــــــى العاقبة والجزاء : {ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ }الأعراف103
{فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً }المزمل16
{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ }يونس90 انظر عاقبه الطغيان والإسراف والظلم .ولكن ابتلاء موسي عليه السلام كان أشد من ذلك فقد ابتلى بقومه الظالمين انظر معى ماذا فعلوا وكيف كان عاقبتهم
{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }البقرة49 النعمة الأولى
«وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ ، وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى . كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ. وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» ..
أتراهم شكروا واهتدوا .. إن التعقيب الأخير في الآية يوحي بأنهم ظلموا وجحدوا. وإن كانت عاقبة ذلك عليهم ، فما ظلموا إلّا أنفسهم! «وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» ..
{وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ }البقرة60 نعمه اخرى
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ }المائدة20 نعمه أخرى
فانظر آخى ماذا فعلوا {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ }الأعراف148 ليس هناك أظلم ممن عبد غير الله لقد أراد الله لهم ما قاله في كتابه {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }إبراهيم5 لكن طبائع نفوسهم الضالة أبت أن تخرج من الظلمات إلى النور فضلت الجهل والظلم والشرك على نور الإيمان هناك بعد ذلك اظلم من هؤلاء إن الله ليذكرهم دائما بنعمه وفضله عليهم فيقول {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }إبراهيم6
إنها حقا ظلمه الكفر وعباده غير الله وعدم الاعتراف بنعم الله حتى ان موسي عيه السلام لم يسلم منهم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً }الأحزاب69
لقد قتلوا الأنبياء وكفروا بهم وبدلوا نعمه من بعد ما عرفوها فكان حقا عليهم العقاب والجزاء
لقد ذم الله في كتابه من اليهود من كان في عهد الحبيب صلى الله عليه وسلم بإضافته قتل أنبيائهم إليهم
وإن كان المباشر لذلك من تقدم من آبائهم لرضاهم به وموافقتهم إياهم بما ضلوا فيه وكفروا بفعله وعصوا بارتكابه فسوف يظل اليهود هم اليهود إلى يوم الدين الذين رضوا فيما مضى بقتل المسيح عليه السلام وقتل الأنبياء المكرمين هم نفسهم المقيمين حاليا في إسرائيل فلو كانوا في عهد إبائهم لفعلوا ما فعلو وأكثر ولكن هم كما قال الحق فيهم( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }
{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }آل عمران112
{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ } لقد وصفهم بالإسراف وهو ما و صف به فرعون من قبل {الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ }الشعراء152
لقد لعنهم الله فلعنهم جميع الأنبياء {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }المائدة78
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }الأعراف167 هي النهاية والعاقبة فانظر كيف كانت عاقبه الظالمين .
وذلك دأب الظالمين في كل حين. يرون مصارع الظالمين ، ويقرئون أخبارهم ويعلمون مصائرهم. ثم إذا هم يسلكون طريقهم غير ناظرين إلى نهاية الطريق! فإذا ذكروا بما نال أسلافهم استبعدوا أن يصيبهم ما أصابهم .. ثم يطغى بهم الغرور والاستهتار إذا أملى لهم اللّه على سبيل الاختبار. فإذا هم يسخرون ممن يخوفهم ذلك المصير. وإذا هم - من السخرية - يستعجلون ما يوعدون! «وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ» فهو آت في موعده الذي أراده اللّه وقدره وفق حكمته. واستعجال الناس به لا يعجله كي لا تبطل الحكمة المقصودة من تأجيله.
وتقدير الزمن في حساب اللّه غيره في حساب البشر : «وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ» ..
ولقد أملى اللّه للكثير من تلك القرى الهالكة فلم يكن هذا الإملاء منجيا لها من المصير المحتوم والسنة المطردة في هلاك الظالمين :
«وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ، ثُمَّ أَخَذْتُها ، وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ» ..
دعـــــــــــــــــــــــــــــــــــوني في الحـــــــــــروب أمــت عـــــــزيزا
فموت العــــــــــــز خـــــــــــيراُ من حيـــــــــــــــــــــــــــــــــــاتي
فصل: تمنى الظــــــــــــالم المــــــــــــوت :
إن الموت حق ولا مفر منه ولكن هل يتمن الظالم الموت ,وهل يستطيع أن يلقى ربة ترد الآية القرآنية بقول الحق سبحانه {وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ }البقرة95
إن من كفر بنعمه الله كيف له أن يواجهه ربه ماذا سيقول له كفرت بنعمتك وفضلك على وعبدت آلهة أخرى من دونك ماذا سيقول وقد وصف نبيه المرسل بالسحر والكذب فقالوا (وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً }الفرقان8 ماذا سيقول غير قول الحق {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً }الفرقان27إن هذا الحقد المتولد من قلوب الظالمين لمعرفتهم بمدى تميز هذه الأمة على سائر ألأمم لذلك يقول الحق سبحانه {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }البقرة105
إن المؤمنين الذين يوالون الكافرين والظلمة بعد نزول هذه الآية هم ظلمه مثلهم لنفس جزاء الظالمين ونفس خاتمتهم( وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً }الفرقان19
ماذا ينتظر هل ينتظرون قوله سبحانه {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ }البقرة210
الظلم يتعدى حدود الله:
وصف الظلم بالتعدى على حدود الله تعالى فقال( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }البقرة229
وقد ذكرت آيات فى النساء {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }البقرة230
{فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }المجادلة4
{فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }المجادلة4
وهى من فقه التعامل مع النساء وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس لأهله ,ولا يهينهن إلا لئيم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (استوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن خلقن من ضلع اعوج ،وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه ،فإن ذهبت لتقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل اعوج ،فاستوصوا بالنساء خيرا)
وقد وصف سبحانه عباده المؤمنين {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }التوبة112
ووصف الإعراب المنافقين بعد الالتزام بحدود الله فقال {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة97
وأعد لذلك عذابا وجزاءا فقال {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }النساء14 لقد ذاق الظالم أشد أنواع العذاب ليس فقد ولكن أذيق جميع ألوان العذاب من عذاب عظيم إلى عذاب مهين إلى عذاب اليم فهل بعد ذلك شئ إن على الإنسان أن يقف ويعتبر ولتنظر نفس ما قدمت
لغد.
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا**** فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه **** يدعو عليك وعين الله لم تنم
{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }البقرة124أى سأجعل الصالحين من ذريتك أئمة ،أما الظالمون فان عهدي لا ينالهم . وقد ؟أفاض السلف في تفسير هذا النص الكريم ، فمن قائل إن المقصود بالظلم هنا هو الشرك ،والمشرك لا ينال عهد الله ، لأنه ليس له عند الله عهد ولا ذمة ، فقد برئت منه ذمه الله ، ومن قائل إن العهد هو طاعة الله ، وطاعة الله لا تنال ظالم ، فليس للظالم طاعة، ومن هنا فقد قالوا إن الظالم لا يصلح أن يكون خليفة ولا حاكما ولا مفتيا ولا شاهدا ولا راويا ولا شيخا للأزهر . وقد اخبر الله سبحانه عن ذريه إبراهيم واسحق
{وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ }الصافات113فالمحسن يناله عهد الله سواء كان العهد نبوه او رسالة او ولاية او طاعة او خلافه في الأرض ، أما الظالم فلا مجال له في تلك المسئوليات.
موعظة :
الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم عليه السلام : قال ابن عباس ما ابتلى بهذا الدين احد
فأقام به كله إلا إبراهيم فقيل الكلمات هي عشر في سوره براءة وعشر في سوره المؤمنون وعشر في سور الأحزاب
{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }التوبة112.
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)
{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ }المؤمنون8
{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ }المؤمنون9
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الأحزاب35 وهذه فائدة
كشك ومعنى الظلم :
يا أيها الناس إذا حكمتم فاحكموا بالعدل ،وإذا غرتك قوتك أيها الجبار, فانظر إلى قوه العزيز الجبار
من فوقك واحذروا الظلم, فانه لا يدوم وإذا دام دمر .
جاء في الحديث : من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شئ فليتحلل منه اليوم قبل إلا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح اخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات اخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ثم طرح في النار )
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت تعنت لزوجها في الدنيا ، ويشهد على الرجل يداه ورجلاه بما كان يولى زوجته من خير أو شر ثم يدعى بالرجل وخدمه مثل ذلك فما يؤخذ منهم دوانيق أو قراريط ولكن حسنات الظالم ترفع إلى المظلوم ,وسيئات المظلوم تحمل على الظالم ، ثم يؤتى بالجبارين بقامع من حديد فيقال سوقوهم إلى النار ) وهذا قول الحق سبحانه
{وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }يونس54
وكان شريح القاضي يقول : سيعلم الظالمون حق من انتقصوا ,إن الظالم لينتظر العقاب ،والمظلوم ينتظر النصر والثواب .
وروى إن الله إذا أراد بعبد خيرا سلط عليه من ظلمه .
دخل طاووس اليماني على هشام بن عبدا لمللك فقال له : اتق يوم الأذان ,قال هشام وما يوم الأذان
فقال قوله تعالى ( فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }الأعراف44
فصعق هشام : فقال طاووس هذا ذل الصفة فكيف بالمعاينة؟
وقال سعيد بن المسيب : لا تملأوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لئلا تحبط أعمالكم
الصالحة .
وقال مكحول الدمشقى : ينادى مناد يوم القيامة :أين الظلمة وأعوانهم ؟ فما يبقى أحد حبر لهم دواه أو برى لهم قلما فما فوق ذلك إلا حضر معهم فيجمعون في تالوب من نار فيلقون في جهنم .
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم : أول من يدخل النار يوم القيامة السواطون الذين يكون معهم الأسواط يضربون بها الناس بين يدي الظلمة .
وأوحى الله إلى موسي أن مر ظلمة بني إسرائيل أن يقلوا من ذكرى فاني اذكر من ذكرني وان ذكرى إياهم أن العنهم .
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ( لا يقضى أحدكم في موقف يضرب فيه رجل ظلما فان اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدافعوا عنه .
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :أمر بعبد من عباد الله يضرب في قبره مائه جلده ،فلم يزل يسأله ويدعو له حتى صارت جلده واحده فامتلأ قبره عليه نارا فلما ارتفع عنه وأفاق قال : علام جلدتموني
قيل انك صليت بغير طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره . فهذا حال من لم ينصر المظلوم مع قدرته على نصره فكيف حال الظالـــــــــــــــــــم ؟
[sub]وقال رجل :رأيت بعض أعوان الظلمة في المنام فقلت له كيف ح