أحبتي في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنََّ منْ أعظم القربات إلى الله عزَّ وجل هي الصلاة على الحبيب صلى الله عليه وآله
وصحبه وسلم ، فالصلاة عليه تملأ القلب نوراً وتنعش النفس وتجعلها في مقام النفس
الراضية المرضية وتقوّي الجسم وتشمُ بالصلاة عليه أريج الرياحين والمسك والياسمين وعَبَقْ الجنة ، وكأنك بالصلاة عليه في عالم غير هذا العالم ترى ما لا يراه الآخرون فأنت بالنشوى بالصلاة عليه مكتفٍ ، لا يشغلك شاغل ولا تخوض مع الخائضين " حتى يخوضوا في حديث غيره " ، وترى بالصلاة عليه كل شيء بعين الجمال ، تتكحل عينيك بالورود والأزاهير والأزهار، وترى بالصلاة عليه كلَّ الوجود بعينِ الكمالِ فكلُّ الناس لهم عندك حباً وعشقاً وكل الناس عندك لهم أعذاراً فيما يبدر منهم ، لا ترى فيهم أخطاءاً أو نقصاناً ، وترى هذا النقص أو الخطأ في نفسك ، فقد تجمَلتَ وتكمَّلَتَ بالصلاة عليه ، ولا تسمع إلا كلَّ ما يطرب وكلَّ ما يُشجي "وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا " فقد خَشَعَ القلب بالصلاة عليه وارتقتْ الروح بالصلاة عليه . جاء فيما صح عنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في الخبر الصحيح أنَّ أحد الصحابة سأله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :"يا رسول الله ، عرفنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلي عليك ، قال المعصوم " صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ": " قولوا اللهمَّ صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد " فالأمر هنا هو قول النبيّ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم " قولوا اللهمَّ " أي أنك تفوض الأمر لله وحده في الصلاة عليه لأنَّ الصحابة رضوان الله عليهم يتتبعوا كل أمرٍ من الله سبحانه ومن الحبيب بالقبول والطاعة فأطاعوه في السلام عليه فكيف يصلون عليه فسألوه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم " كيف نصلي عليك " حتى يستقيم إيمانهم ويكْمُل فقال لهم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :" قولوا اللهمَّ " أي أنكم لا تستطيعوا أنْ تصلوا عليَّ ففوضوا الأمر لله عز وجلَّ في الصلاة عليَّ فهذا التفويض لله سبحانه أخرج كل المؤمنين من مغبة ألا يصلوّا عليه كما أمرهم الله سبحانه وتعالى بقوله : " يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " وبذلك الأمر النبوي بالتفويض لله أنْ نصلي عليه بقولنا " اللهمَّ " نكون قد أدينا هذا الأمر على أكمل وجه بمراده سبحانه لأنَّ الصلاة على الحبيب صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من الله لا يعلمها إلا الله عز وجل والصلاة من الملائكة لا يعلمها إلا الملائكة الذين تعلموها من الله سبحانه ولا يعلمون صلاته سبحانه وتعالى عليه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، أما نحن فقد فوضنا أمر الصلاة عليه لله عز وجل كما أمرنا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بقولنا " اللهمَّ " فاللهمَّ صلّ وسلم وبارك على النبي المبارك أشرف الخلق حبيب الحق سيدنا ومولانا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحابته الغرُّ الميامين وسلم تسليماً كثيراً بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين . ونحن الآن بصدد سؤال سأله أحد أعضاء المنتدى والأخوة الأفاضل وهو " كيف نسلم عليه صلى الله عليه وآله وصحبه وآله وسلم " وكأنَّ السائل يعيد سؤال الصحابي ولكن ... بشكل آخر .. فالصحابي سأل :"علمنا كيف نسلم عليك ... فكيف نصلي عليك " وأخونا هذا يسأل :"علمنا كيف نصلي عليه بما عَلَّمَنا حضرته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ..بتفويض الأمر لله سبحانه بقولنا "اللهم " ... فكيف نسلم عليه ... يقول الله سبحانه في سورة النساء : " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً * فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً " وجاء في تفسير هذه الآية .... " ثمَّ لا يجدوا في أنفسهم " أي أنهم سوف لايجدوا لأن ثمَّ ..تفيد الترتيب والتراخي ... اي أنَّ من يجيئ إلى حضرة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وهو ظالم لنفسه يشعر بالذنب والتقصير في حق الله سبحانه وحق رسوله ، ويستغفر الله ويستغفر لهم الرسول حينئذ ,, يجد هذا المستغفر ,, أن الله سبحانه قد غفر له ,وحادثة الشيخ العتبي ( وهو من شيوخ الإمام الشافعي ) مع الأعرابي مشهورة .. فقد كان العتبي في المسجد النبوي جالساً يتدارس كتاب الله ، فإذا بأعرابي يقف أمام القبر الشريف ويقول : " يارسول الله لقد قرأنا في القرآن ولوأنهم إذ ظلموا أنفسهم ، جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول ... الآية " وها أنا جئتك يا رسول الله معترفاً بذنبي .. فاستغفر لي الله" ثم مضى الأعرابي إلى حال سبيله وأثناء ذلكمعترفاً بذنبي .. فاستغفر لي الله" ثم مضى الأعرابي إلى حال سبيله وأثناء ذلك أخذت الشيخ العتبي سنة من النوم فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول له : " يا عتبي أدرك الأعرابي , وأخبره أنَّ الله قد غفر له " أي أنَّ أي واحد منا يؤمن بهذه الآية الكريمة أنها من القرآن وفي سورة النساء وأنَّ هذا هو كلام الله الذي لا يتغير ولا يتبدل ... أدرك هذا الإنسان المسلم أن الله يغفر له كما حدث مع الأعرابي ثم لا يجد في نفسه أي حرج أو ضيق فيما قضى به الله ورسوله في هذا الأمر ومطلوب منه ... أنْ يسلم التسليم المطلق لرسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وذلك لقوله تعالى "... ويسلموا تسليما" أي يسلم بكليته إلى رسول الله ولا يتبادر إلى ذهنه أية اعتراضات أو حتى يحدث نفسه بشيء يخالف هذا التسليم .
والله أعلى وأعلم .... " والله يقول الحق وهو يهدي السبيل