'أحب الناس إلى الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 'أحب الناس إلى الله أنفعهم ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كُربة، أو تقضي عنه دينا،أو تطرد عنه جوعا ، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن اعتكف في المسجد شهراً، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل، كما يفسد الخل العسل' حديث حسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني( رقم الحديث 906)
حديث عظيم, ملىء بالدعوة الى الحب والمحبة والأخوة الصادقة والأخلاق العالية الرفيعة الكفيلة بإشاعة التراحم والتكافل بين أفراد الأمة وتحويل المجتمع الى كيان وجسد واحد يتداعى بعضه لبعض ويحمل كل عضو هم الأخر بكل رضي وسرور..
فالأيمان ليس فقط عقيدة ينعقد عليها القلب فحسب بل لابد لها من أعمال تصدقها وتبرهن على حقيقة وجودها في تلك المضغة التي لو صلحت لصلح الجسد كله ولو فسدت لفسد الجسد كله,
وفي هذه الكلمات النيرات المنطلقة من أطهر لسان (وما ينطق عن الهوى , إن هو الا وحي يوحى ) رسمٌ لمعالم المجتمع الفاضل الذي يحرص كل فرد فيه على حاجات أخيه ومشاعره وأحاسيسه وتأسيس لمجتمع متكافل متراحم.
ففي هذا الحديث ربط جميل بين منزلة المحبة العظيمة التي يتمناها ويشتاق اليها كل مسلم رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا وبين سلوكيات المسلم مع نفسه ومع مجتمعه ومع إخوانه في كل الأحوال وفي كل الظروف ,
فلكي تنال هذه المنزلة العالية وهي محبة الل عز وجل فاحرص على ان تكون مصدر نفع لكل الناس صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم وترك لك الخيار في اختيار أنفع مع تستطيعه حتى تقدمه للناس.
ثم جاء الحديث و أبرز لك جانبا من جوانب النفع المعنوي النفسي وهو إدخال السرور الى قلب أخيك المسلم ثم ترك لك الخيار في إيجاد الطريقة المناسبة لإدخال السرور في قلبه, فقد تكون كلمة طيبة او ابتسامة او زيارة ....
وأقلها كما قال أحد الصالحين :
" حق أخيك المسلم ثلاث: إذا لم تنفعه فلا تضره .... وإذا لم تمدحه فلا تذمه ..... وإذا لم تسره فلا تغمه ""
وفي نفس الوقت يلفت نظره الى أولويات لا تقبل الـتأجيل او البديل في علاقتك الأخوية مع أخيك المسلم وهي تنفيس الكربة وقضاء الدين وطرد الجوع والمشي في حاجة أخيه حتى تنقضي تلك الحاجة وهي أمور في الحقيقة ضروريات للحياة السوية للإنسان.
وللتأكيد على عظيم الأجر والجزاء لمن كانت هذه أعماله واهتماماته جاء التذكير بيوم القيامة وكرباتها وأهوالها وزلاتها وان من أراد أن يقيه الله شر ذلك اليوم فعليه بهذا السلوكيات الراقية والجزاء من جنس العمل .
ولتطويق هذا الأعمال وحمايتها من الضياع والخسران يأتي التذكير بقضيتين قد تفسد كل ألأعمال الجليلة التي قام بها العبد وكل العلاقات الأخوية الحميمة التي بناها وسطرها في صحائف أعماله. وهاتان القضياتان هما الغضب وسوء الخلق.
فالغضب ومسايرة ذلك الغضب وعدم كظمه قد يؤدي الى كوارث اجتماعية لا يعلمها الا الله , فكم من علاقات تمزقت وكم من أرحام تقطعت وكم من عداوات نشئت كل ذلك بسبب الغضب ومسايرة الغضب.
واما سوء الخلق فلا أزيد على ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم
( .. ، وإن سوء الخلق ليفسد العمل، كما يفسد الخل
العسل