بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسولنا
محمد صلى الله عليه وسلم وبعد :
ياأيها الناس استغفروا الله وتوبوا
إليه قبل فوات الآوان .
وهذه آيات من كتاب الله سبحانه وتعالى
من سورة الزمر مع تفسيرها فالرجاء
قراءة هذه الآيات بتدبر وخشوع وفهم
معانيها . نسأل الله العلي العظيم أن
يغفر لنا ذنوبنا وسيئاتنا آمين آمين
آمين يارب العالمين .
((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ
اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) (53)
قل -أيها الرسول- لعبادي الذين
تمادَوا في المعاصي, وأسرفوا على أنفسهم
بإتيان ما تدعوهم إليه نفوسهم من
الذنوب: لا تَيْئسوا من رحمة الله؛ لكثرة
ذنوبكم, إن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن
تاب منها ورجع عنها مهما كانت, إنه
هو الغفور لذنوب التائبين من عباده,
الرحيم بهم.
((وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ
قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ))(54)
وارجعوا إلى ربكم- أيها الناس-
بالطاعة والتوبة, واخضعوا له من قبل
أن يقع بكم عقابه, ثم لا ينصركم أحد
من دون الله.
((وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)) (55)
واتبعوا أحسن ما أُنزل إليكم من
ربكم, وهو القرآن العظيم, وكله حسن,
فامتثلوا أوامره, واجتنبوا نواهية
من قبل أن يأتيكم العذاب فجأة,
وأنتم لا تعلمون به.
((أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ
فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ)) (56)
وأطيعوا ربكم وتوبوا إليه حتى لا تندم
نفس وتقول: يا حسرتى على ما ضيَّعت في
الدنيا من العمل بما أمر الله به,
وقصَّرت في طاعته وحقه, وإن كنت في
الدنيا لمن المستهزئين بأمر الله وكتابه
ورسوله والمؤمنين به.
((أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ
هَدَانِي لَكُنْتُ مِنْ الْمُتَّقِينَ))(57)
أو تقول: لو أن الله أرشدني إلى دينه
لكنت من المتقين الشرك والمعاصي.
((أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي
كَرَّةً فَأَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ ))(58)
أو تقول حين ترى عقاب الله قد أحاط بها
يوم الحساب: ليت لي رجعة إلى الحياة
الدنيا، فأكون فيها من الذين أحسنوا
بطاعة ربهم، والعمل بما أمَرَتْهم به الرسل.
((بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا
وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ))(59)
ما القول كما تقول, قد جاءتك آياتي
الواضحة الدالة على الحق, فكذَّبت بها,
واستكبرت عن قَبولها واتباعها, وكنت من
الكافرين بالله ورسله.
((وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ))(60)
ويوم القيامة ترى هؤلاء المكذبين الذين
وصفوا ربهم بما لا يليق به, ونسبوا
إليه الشريك والولد وجوههم مسودة.
أليس في جهنم مأوى ومسكن لمن تكبر على
الله, فامتنع من توحيده وطاعته؟ بلى.
((وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ
لا يَمَسُّهُمْ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ))(61)
وينجي الله من جهنم وعذابها الذين
اتقوا ربهم بأداء فرائضه واجتناب
نواهيه بفوزهم وتحقق أمنيتهم, وهي
الظَّفَر بالجنة, لا يمسهم من عذاب جهنم
شيء, ولا هم يحزنون على ما فاتهم من
حظوظ الدنيا.
((اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)) (62)
الله تعالى هو خالق الأشياء كلها, وربها
ومليكها والمتصرف فيها, وهو على كل
شيء حفيظ يدَبِّر جميع شؤون خلقه.
((لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ)) (63)
لله مفاتيح خزائن السموات والأرض, يعطي
منها خَلْقَه كيف يشاء. والذين جحدوا
بآيات القرآن وما فيها من الدلائل
الواضحة, أولئك هم الخاسرون في الدنيا
بخِذْلانهم عن الإيمان, وفي الآخرة
بخلودهم في النار