من عذاب الجحيم أمران :
الأول / الوقاية من العذاب ، والثاني / الوقاية من أسباب العذاب التي في مقدمتها الذنوب والمعاصي ، وقد في وصف عباد الرحمن ( والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً ، إنها ساءت مستقراً ومقاماً ) .
وإن كان الوقاية من العذاب هدف لأهل الإيمان فإن دخول الجنة غاية من أعظم الغايات ، ولذا كان من دعاء الملائكة ( حملة العرش ومن حوله ) : (ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم ) .
وفي هذه الصيغة من الدعاء جملة من الفوائد من أبرزها :
أولاً / أن وعد الله أعظم الوعود وهو سبحانه وعد عباده المؤمنين بالجنة وسيكون ، وإني أذكركم يارعاكم بأمر أشرت إليه في هذه الخطبة عدة مرات وهاأنا أؤكد عليه وهو أن موافقة الله جل شأنه في الصفات التي يحبها ويتصف بها مما يستطيعه الخلق من أعظم العبادات كما قررنا ذلك في موافقة الملائكة لربهم في حبه للإيمان وأهله ، وكما ذكرنا في بيان أن الرحماء من الخلق يرحمهم الرحمن جل جلاله ، فإذا كان ذلك كذلك ، فإن من أعظم العبادات الوفاء بالوعد والعهد ، وقد وصف الله أهل الصدق والتقوى بقوله ( والموفون بعهدهم إذا عاهدوا ) .
وثاني تلك الفوائد يستفاد من قول الله تعالى ( ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ) قال أهل التفسير : ( إن المقارن من زوج وولد وصاحب يسعد بقرينه ويكون اتصاله به سبباً لخير يحصل له ) وهذه الخيرية وتلك السعادة تتحقق لأصحاب الصلاح ( ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ) ، وفي هذا إشارة بليغة بأن صلاح العمل من أهم الغايات ، ومن أفضل ما تصرف فيه الأوقات .
كما أن صلاح الآباء والأبناء والأزواج مطلب مهم فلنحرص وفقني الله وإياكم أن نرشد أزواجنا وذرياتنا إلى طريق الصلاح والفلاح
قال تعالى ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وماألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين ) .
ثم يُختم ذلك الدعاء العظيم من الملائكة حملة العرش ومن حوله وهم يدعون لأهل الإيمان (وقهم السيئات ومن تق السيئات فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم ) إن من رحمة الله بعبده أن يجعله الذنوب والمعاصي مقبلاً على الله سبحانه إن أذنب استغفر وإن أساء آب وتاب وهناك يتقلب في رحمة الله في الدنيا وفي الآخرة .
الفوز كل الفوز لا يكون إلا بسلوك طريق أهل الإيمان صراط الله المستقيم الذي هو درب النجاح والفلاح ففيه النجاة من النيران والفوز بالجنان ورحمة الكريم المنان ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز