«لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك»، مثل شعبى قديم نتداوله من زمن، وندرك صدقه، وبالرغم من ذلك نتهاون فى التعامل معه ولم نعد نعيره اهتماما.
انظر حولك، ليس على طريقة الإعلان التليفزيونى ولكن على طريقة التمعن والتفكر، أليس حقيقياً أن البيوت تبنى بالكلمات، وتهدم أيضا بالكلمات؟ الزواج كلمات توثق ويشهد عليها الحضور، والطلاق أيضا، الوعود كلمات لا تُكتب وليس عليها شهود، ولكن تترتب عليها حقوق، ويجب أن تعلم أنك إذا تكلمت بالكلمة ملكتك، وإذا لم تتكلم بها ملكتها.
كم من علاقات قُطعت، وأزمات وحروب حدثت بسبب كذب أو نميمة أو غيبة أو لغو، وكلمات أخرى كانت رسالات هداية ونور، يقول تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاء تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ». وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا يستقيمُ إيمان عبد حتى يستقيمَ قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه».
الكلمات ليست حروفاً تتبدد فى الهواء، ولكنها مثلها مثل الأفعال تكتب وتدون، يقول تعالى «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تُكَفِّر اللسان (تذل له وتخضع) تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمتَ استقمنا، وإن اعوَجَجْتَ اعوَجَجْنَا»، كما يقول صلى الله عليه وسلم: «وهل يكب الناس فى النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم».
ويقال إن الكلام الزين يسد فى الدين، وإن الكلام اللين يغلب الحق البين، الكلام يمكن أن يكون سلاحك الذى تحمى به نفسك، ويمكن أن يكون الحبل الذى يلتف حول عنقك ليشنقك، كلامك هو أنت.. يمهد لك طريق النجاح أو يقود خطواتك إلى الفشل.
ولأن الكلمة دين عليك، فعليك أن تفكر مرتين وتتكلم مرة واحدة، واللسان بمكن أن يكون سلاحا لإحقاق الحق أو إفشاء باطل. إن كنا نجعل السكوت من ذهب فأحيانا يكون معصية كبرى حين يكون سكوتا عن الحق، فالساكت عنه شيطان أخرس، ولأن اللسان سلاح ذو حدين فلقد حذرنا الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن نستخدمه فى الإيذاء وقال: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده».
قبل ما تتكلم.. فوق.. واتكلم وانت فايق.. كلمتك بتسبق خطوتك وبتحدد مشوارك ومسارك.