إن ما قام به المصريون من ثورة كان بحثا عن العدالة الاجتماعية ناقمين على أوضاعهم الاقتصادية، وحرمانهم من حرياتهم، ولقد نجحت الثورة نجاحا لم يكن يتوقعه أكثر المتفائلين من المصريين، وكان نجاحا أبهر العالم، ولكن ما يحدث هذه الأيام يطرح عدة تساؤلات مهمة نحاول أن نجد لها تفسيرا وتعطينا ضوءاً أحمر لما قد يحدث، وتدلنا على من يعبث بمقدرات هذا الوطن، ولعل من أهم هذه التساؤلات ما هو تفسير ما يحدث من مشاحنات بين قلة من الأقباط والمسلمين من نسيج الوطن.
هل يتخيل أحد أن بعد ثورتنا الرائعة يحدث قطعا للطرق وإيقافا للقطارات وإحراقا لدور العبادة، واستقواء بالأمريكان ومناداة بحماية دولية ورفعا لأعلام دول أجنبية، ثم ماذا عن إصرار الفاسدين على فسادهم.
ماذا يعتقد من يفعلون هذا هل يعتقدون، هل يضغطون على الثورة أم الحكومة أم على مصر الأم والوطن؟
يجب أن نعى جيدا أننا استعدنا مصرنا من أيدى الفاسدين، وآن هذه الثورة هى ثورة كل المصريين بكل فئاتهم وأعمارهم وثقافتهم، وليست ثورة تنظيم بعينه أو فئة بعينها أو زعيم، وأن هذه الحكومة رغم اختلافنا معها فى أمور، واتفاقنا فى أخرى، فهى حكومة مصر، وأتى بها وبرئيسها السواد الأعظم من المصريين، لذلك يجب أن نقف مع أنفسنا وقفة صدق لنجيب على سؤال يطرحه كل المصريين، وهو إلى أين تذهب مصر، ولكنى أجد نفسى أعيد طرح السؤال ماذا سيفعل المصريون بمصر؟ هل سيبنون مصر ويجعلونها أعظم بلاد الأرض؟ هل سيدفعونها للأمام أم سيقضون على ما تبقى منها؟
المتأمل للموقف الحالى يدرك أننا فى مرحلة صعبة، ولكنها طبيعية بعد هذه الثورة العظيمة، ولكنه ليس من الطبيعى أن نزيد على أنفسنا الموقف صعوبة بالاعتصامات وإضرابات وفتنة ومسيرات تحرير فلسطين، لسنا مستعدين لها، وليست فى وقتها، وليس من الطبيعى أن تتلاعب القوى السياسية والدينية بمصلحة الوطن لمصلحتها لتحقيق مكاسب حزبية أو طائفية، فنجد أن الإسلاميين احتلوا منابر المساجد ليمهدوا لأنفسهم حكم مصر باسم الدين دون برنامج واضح لقيادة مصر ونهضتها، وعلى الجانب الآخر نجد العلمانيين والليبراليين يخلقون فزاعة الإسلاميين لمواجهة التيار الإسلامى فى مصر، ثم يأتى الأقباط ليستغلوا ما يحدث لتحقيق مكاسب لهم، ونرى من ينفذ أجندات أجنبية ويستقوى بالخارج.
بذلك نكون قد صعبنا الأمور على أنفسنا، ودفعنا بما ثرنا من أجله إلى الجحيم، فحولنا الحرية إلى فوضى ودفعنا اقتصادنا للانهيار، وأن حدث هذا فلا عدالة اجتماعية ولا حرية فيا أبناء الوطن رأفة بأنفسكم ووطنكم الذى لن ينهض بغيركم.