لو حاولت استخدام عقلك في تأييد مواقف السيد الرئيس المصري فإنك سوف تحتاس حوسه الإبل، وسوف تضطر للتنازل عن عقلك أو التنازل عن تأييد السيد الرئيس.
إن انضممت إلي الحكماء القائلين إن أمن مصر أهم من أمن فلسطين فسوف تجد نفسك مثل الأحمق الذي يرفض مساعدة جاره في إطفاء حريق رغم أن الحريق سوف يمتد بالتأكيد إلي شقة ذلك الأحمق، ففلسطين متاخمة للحدود المصرية، وشعبها شريك لنا في الجغرافيا والتاريخ واللغة والدين والفقر والتخلف والجهل والمرض والعبودية . كل النظريات السياسية الاستراتيجية تؤكد أن الخطر الذي يدق باب جيرانك لابد أن يمتد ذات يوم إليك. وكل الأديان السماوية توصي أتباعها بحقوق الجار وتأمر هؤلاء الاتباع بعدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام الكوارث التي تصيب جيرانهم.
وإن كنت تصدق أن الرئيس يرفض التدخل خوفا علي حياة المصريين وأمن الوطن فإنك سوف تكتشف أن نفس هذا الرئيس لا يكف منذ ولايته الأولي عن قهر المصريين وتعذيبهم واعتقالهم وتزوير إرادتهم وحرمان شبابهم من فرصة العمل وبيع ممتلكاتهم وأراضيهم وإجبار الكثيرين منهم علي الهروب من الوطن بسبب الفقر والبطالة والضياع وسوف تكتشف أن ضحايا السلام في عهد مبارك يفوق عددهم ضحايا كل الحروب التي خاضتها مصر دفاعا عن نفسها أو دفاعا عن العرب طوال التاريخ الحديث والمعاصر!
وإن تأملت التاريخ الشخصي للسيد الرئيس فسوف تزداد حيرتك، فهذا الرجل الذي قضي نصف قرن في الثكنات العسكرية لابد أن تؤلمه كرامته وكرامة وطنه وهو يواجه كل هذا الصلف والتعنت من إسرائيل وأمريكا وغيرهما، فالسيد الرئيس لم يكن في الأصل شاعرا رومانسيا أو مطربا عاطفيا أو درويشا من دراويش آل البيت حتي يعشق السلام بأي ثمن حتي لو كان علي حساب الحق والعدل وكرامة الوطن وبديهيات الأمن القومي.
لن تجد سببا حقيقيا للسلبية المزمنة التي أدمنها زعيمك المزمن سوي أن فخامته لا يثق في نظامه ولا يثق في شعبه ولا يثق في نتائج أية مواجهة حقيقية بينه وبين الصهانية، لهذا قرر منذ بداية عهده أن «يشتري دماغه» ويترك إسرائيل وأمريكا تعربدان في المنطقة العربية، وتفرغ هو ونظامه وحكومته لشن حرب استنزاف عسكرية واقتصادية وثقافية ضد الشعب المصري لاستئصال ما تبقي من كرامته وثروته وتاريخه ومستقبله، وهذا هو السلام الذي يعشقه السيد الرئيس!