يرددون بإلحاح أن «الحكومة» هى حكومة الحزب.. ويتباهون بأن «الحزب» هو الذى يضع السياسات.. ويفاخرون بأن جمال مبارك هو «أمين السياسات».. وبناء عليه:
نحن مزارعى مصر الحقيقيين «نتهم» أمين السياسات بأنه المسؤول الأول عن «خراب الزراعة»، وانهيار الثروة الداجنة والحيوانية وتدمير الثروة السمكية.. مما جعلنا نستورد ٦٠٪ من غذائنا، بمعنى أن ٦٠٪ من الـ٨٠ مليون مصرى يأكلون ويشربون من عرق الآخرين.. وبالتالى مع الانفجار السكانى ستحدث «المجاعة» التى بح صوتى مع غيرى للتحذير والتنبيه حتى نتفادى «ثورة الجياع».. وبكل أسف لا حياة لمن تنادى!
اليوم وبعد أن هجر المستأجرون أراضى الدلتا، وسلموها الملاكها لتأكدهم من أن زراعة فدان محاصيل تحقق خسائر قدرها ألفا جنيه، وبعد منع زراعة الأرز، لم يعد هناك ما يزرعونه فى هذه الأراضى المالحة «نمنع زراعة الأرز للمصريين بحجة توفير المياه.. ونشجع الشركات الخليجية لزراعة البرسيم الحجازى وتصديره لحيوانات الخليج، ورسوم التصدير ٦ قروش لكل متر مكعب مياه».. ولهذا يتحدث الناس عن أن هناك «مؤامرة» لتجويع وتركيع الشعب المصرى.. وبحكم تجربتى أؤكد أن ما جرى لهذا القطاع من انهيار لا يمكن لأى جهاز مخابرات فى العالم أن يحققه بهذه السرعة والسهولة، وأننا بجهلنا وغبائنا وعشوائيتنا المسؤولون عما جرى للأسباب الآتية:
١ - «وزير الزراعة»: كاره للزراعة ومسافر دائماً ولا يحضر حتى افتتاح المعرض السنوى للدواجن أو المعرض الزراعى.. ومن اختارهم لإدارة أخطر وزارة فى مصر لا يصلحون لإدارة «مزرعة فراخ».. وميزانية الوزارة ٩٠٠ مليون جنيه لا تكفى للسفريات والفنادق ورواتب المستشارين والموظفين.
٢ - «مراكز البحوث الزراعية»: وصمة عار فى جبين كل مصرى.. بميزانية قلصها أحمد عز، رئيس لجنة الخطة والموزانة لـ٢٠ مليون جنيه لا تفى برواتب الباحثين «١٨٠ جنيهاً فى الشهر للباحث الخبير منذ ٨ سنوات» وماكينات التصوير معطلة، وحتى ورق التصوير غير موجود.. ولهذا نستورد التقاوى والبذور من هولندا وإسرائيل مروراً بقبرص لتغيير شهادات المنشأ.
٣ - «الإرشاد الزراعى» فى خبر كان.. و«التعاونيات» كلام على ورق.. و«مركز تحديث الزراعة» فى الباى باى.. يعنى الوزارة كلها فى واد، والفلاحون والمربون والصيادون فى واد آخر!
٤ - «بنك الائتمان الزراعى».. حدث ولا حرج من تخلف وإهمال وانشغال باستيراد «التكاتك».. ولم يسمع عن «البنك الفلاحى» فى دول المغرب العربى التى تقرض المزارعين بفائدة صفر٪ مع فترة سماح ٣ سنوات.
والسؤال الأول لأمين السياسات:
أين الفكر الجديد؟.. وما فائدة الشعارات.. ولمصلحة من كل هذه التصريحات «الفشنك»، والمانشيتات الفاقعة، وكل هذا الضجيج بلا طحين؟.. إلخ.
والسؤال الثانى: من الذى اختار وزير الزراعة الحالى.. وما «السر العسكرى» للتمسك به. وهل صحيح ما يردده البعض من أنه جاء واستمر حتى ينتهى من تقنين عقود الـ٣٢ مخالفاً على الطريق الصحراوى من كبار القوم، وطبعاً لديك أسماؤهم وإلا فالمصيبة أعظم.
سيادة الأمين على السياسات:
اشرح لى: كيف يتم تسعير الفدان أول الصحراوى بألفين وبخمسة آلاف جنيه. «الأسبوع الماضى حكمت المحكمة لأحد رجال الأعمال عند الكيلو ٥٣ بسعر ٣٥٠٠ جنيه للفدان.. وفى نفس اليوم وصلت مطالبات من وزارة الزراعة لمزارعى مجاهيل صحراء الكريمات ببنى سويف (بستين ألف جنيه) للفدان!».. ولماذا لا تمنحونهم ترخيصاً بـ٢٪ لزراعة بانجو أو خشخاش أو حتى كيف مغربى ليدفعوا هذه الأرقام.
من فضلك يا واضع السياسات: «فهمنى».. كيف تسمحون هذا الشهر برفع رسوم تصاريح الآبار الجوفية من ألفين إلى ٢٥ ألف جنيه، والترخيص لمدة سنة واحدة!
«وأقنعنى» سيادتك: بأنه أصبح لكل محافظ سلطة استحداث رسوم جديدة تحت بند «تبرع إجبارى» للمحافظة، يدفعها كل من ينشئ مزرعة دواجن «٥٠ جنيهاً للمتر».. مما يعنى ٢٥٠ ألف جنيه لكل مزرعة فى المتوسط، بخلاف الرسوم القديمة والموافقات والأذون والأختام والشاى بالياسمين «واسألوا مدير الزراعة بالبحيرة»!
بالله عليك يا سيادة المسؤول عن السياسات: هل يصح ونحن فى ٢٠١٠ أن يشتعل النزاع بين هيئة التعمير، وبعض المحافظين على تبعية الولاية للأراضى الصحراوية، والمواطن يدوخ السبع دوخات بين هذا وذاك والفيصل هو «البلدوزر الحكومى» الجاهز دائماً لإزالة المزروعات، وتحطيم الآبار وهدم البيوت ولا أحد يحاسب أحداً، «آخر فضيحة كانت منذ أسبوعين فى المنيا، وعلى الفضائيات شاهدنا (الجرافات) واعتقدنا فى البداية أنها إسرائيلية»!
وما «الحكمة» من قرار نقل مزارع الدواجن من الدلتا إلى الصحراوى، ولم نوفر المساحات اللازمة؟.. وما «العبقرية».. وراء قرار غلق محال الطيور الحية قبل أن ننشئ مجازر لذبح الـ٢ مليون طائر التى تستهلكها مصر يومياً؟.. وأين يذهب مليون ومائة ألف عامل بعائلاتهم!
وماذا عن «الحمى القلاعية» التى انتشرت وحصدت معظم الأبقار والجاموس.. وما تبقى اليوم هو خمس ثروتنا الحيوانية وكل البيانات الحكومية فى هذا الشأن غير حقيقية.
أما الثروة السمكية + عشرات الأسئلة التى لم يتسع لها المكان فلها حديث آخر قادم.
ويبقى السؤال:
من الذى وضع السياسات لوزارة الزراعة إن وجدت؟
ومن يحاسب أمين السياسات قبل أن يصبح رئيساً للبلاد فى ٢٠١١.
ونستكمل.