تحتفل مصر اليوم25 أبريل من كل عام بالعيد القومى لمحافظة سيناء بعد أن تم تحرير آخر شبر من أراضيها من بين براثن الاحتلال الصهيونى فى عهد الرئيس، حسنى مبارك، الذى قاد أول ضربة جوية مع الجيش المصرى لتحرير معظم أراضيها أثناء حرب أكتوبر 1973 م، كما قاد أيضا مفاوضات السلام الأخيرة مع إسرائيل لاسترجاع آخر شبر محتل من سيناء، وقام برفع العلم المصرى على أرض طابا المصرية سنة 1989 م.
والمؤكد أن محافظة سيناء تعد جزءا عزيزا وغاليا من أرض الوطن، ويمثل موقعها الجغرافى شمال مصر استراتيجية أمنية كبيرة للوطن، وذلك لأن جزءا من حدودها يقع على تماس واحد مع حدود العدو الصهيونى، ويمتد طولا مع الحدود الفلسطينية وبالطبع فإن هذا الجزء يمثل خط الدفاع الأول للجبهة المصرية أمام العدو، كما يمثل امتداده رابطة إخاء وشريان حياة لأهل غزة مع إخوانهم فى مصر.
ولقد أحس المصريون والفلسطينيون معا بأهمية سيناء ومكانتها العظيمة فى قلوب شعبيهما، وذلك بعد أن احتلها الكيان الصهيونى فى لحظة انكسار مصرية إثر هزيمة 1967م والتى تركت جرحا عميقا فى نفوس الشعب المصرى بعد أن خضبت دماء أبنائه الذكية رمال سيناء.
ولكن القيادة المصرية لم تعرف اليأس ولا الاستسلام فعدلت من استراتيجيتها العسكرية وتعاملت بأيدلوجيات حديثة وجهزت عتادا حربيا حديثا وأعدت الجنود إعدادا عسكريا يتلاءم مع خطتها للحرب القادمة.
وحقيقة الأمر أن سيناء السليبة كانت مسرحا للتجهيزات العسكرية الفدائية التى سبقت حرب التحرير، رغم وجود خط بارليف المنيع، والممتد على الساحل الشرقى لقناة السويس والمجهز بأقوى التحصينات وأحدث المعدات الحربية والمعد بخزانات ملتهبة تحوّل سطح مياه القناة إلى بركان مشتعل، وقد بدأ تدريب الجنود على خط المعركة مع بداية حرب الاستنزاف وذلك بعبور مجموعات فدائية شاطئ القنال والتسلل داخل خطوط العدو بصفة يومية وإحداث خسائر هائلة فى جنوده وعتاده وكذلك عن طريق الضفادع البشرية المنقولة جوا بطائرة هيلكوبتر وسط تلال سيناء لتنفيذ عمليات فدائية، ومن أبرزها ضرب ميناء إيلات وتحطيم ناقلة الدبابات الثقيلة "بيت هيشع" وسفينة النقل العسكرى للجنود والمعدات المسماة "بيت يام" وقد اعتمدت القوات المصرية فى أخذ زمام المبادأة برا وبحرا وجوا بالإضافة إلى دعم المقاومة الفلسطينية داخل الأراضى المحتلة حتى نجحت بعملياتها الفدائية مع قوات الصاعقة المصرية فى بث الخوف والرعب فى صفوف العدو.
وفى السادس من أكتوبر سنة1973م شهدت أرض سيناء المقدسة ملحمة عسكرية عظيمة كان أبطالها جنود مصر البواسل، حين استلهموا النصر بعبق الإيمان الراسخ فى القلوب وحسن الإعداد والتخطيط الجيد للمعركة، فكان الغطاء الجوى هذه المرة هو نقطة الانطلاق بعدها كبر الجنود لله العظيم واهب القوة وباعث العزم والإرادة فى نفوس المؤمنين الصادقين، وكان سر الانتصار الرائع على العدو المتغطرس كان يكمن فى تكبير الأبطال المستمر لله العظيم لحظة العبور الخالدة بقولهم الله أكبر00 الله أكبر0
فكما شهدت سيناء ملحمة الحرب الرائعة شهدت أيضا أنشودة السلام العظيمة، وقد تحرر آخر شبر منها بعد مفاوضات مضنية مع الكيان الصهيونى فى 25 أبريل 1989م لتعود كاملة إلى حضن الوطن.
وليس من شك فى أن الدولة قد أولت اهتمامها بمحافظة سيناء، فأعدت لها خطة للتنمية والنهضة العمرانية، وفى غضون سنوات قليلة امتد العمران على أراضيها واشتغلت المصانع وأمست سيناء بعد سنوات من الاحتلال محافظة يعمها الأمن والسلام، وقد تحولت صحراؤها الصفراء إلى أرض خضراء وقبلة للاستثمارات المصرية والخارجية ووجهة حضارية للمدنية الحديثة.