اغتيال أول رئيس وزراء مصرى

موضوع: اغتيال أول رئيس وزراء مصرى 06/06/10, 07:52 pm

أبدأ بما نشرته جريدة الأهرام يوم 21 فبراير 1910 عن الحادث قائلة : خرج بطرس باشا غالى من مكتبه فى الواحدة ظهر يوم 20/2/1910 م بصحبة كل من حسين باشا رشدى وزير الحقانية ( العدل حاليا) وفتحى زغلول ( شقيق سعد زغلول ) وعبد الخالق ثروت باشا النائب العمومى وساروا معا إلى سلم النظارة الخارجى ( كان يطلق على الوزارة النظارة ) عبر الحديقة حيث كانت تقف مركبة رئيس الوزراء وبعد أن ودعه الوزراء وقفلوا راجعين تناهى إلى اسماعهم صوت طلقات وصرخات فالتفتوا ليجدوا بطرس غالى باشا ملقى على ظهره يحاول سائق سيارته مساعدته على النهوض بينما أسرع أحد الحراس بالإمساك بشاب يقاومهم محاولا الفرار وسرعان ما تعاون حراس اخرون فى القبض على ذلك الشاب الذى تبين أنه يدعى (إبراهيم ناصف الوردانى )واقتيد إلى إحدى غرف النظارة ليبدأ النائب العمومى (الذى كان يودع رئيس الوزراء)التحقيق الذى اتضح منه أن الجانى قد أطلق 6 رصاصات أصابت 2 منها بطرس غالى فى الرقبة والكتف الايسر وأخرى فى جانبه الايمن وأسرعت به إحدى سيارات الاسعاف الى مستشفى قريب يرافقه النظار وهناك تولى 15 طبيبا من أكبر أطباء مصر محاولة إسعافه ثم أجروا له عملية جراحية فى البطن فى محاولة لانقاذه فى الوقت الذى كان قد اسرع فيه إلى موقع الحادث اللواء (هارفى باشا ) مدير الامن الانجليرة فى ذلك الوقت ومعه (جورج فيليبيدس بك )مأمور الضبط وعدد من العساكر وأبلغ الخبر إلى سمو العالى بسراى القبة
أول رئيس قبطى

كان بطرس غالى أول رئيس وزراء قبطى منذ عرفت مصر رئاسة الوزارات وقد تولى فى 12/11/1908م وكان رئيس الوزراء رقم 19 .
ويقول المؤرخ الكبير (عبد الرحمن الرافعى ) عن مقتل بطرس غالى :
جزعت البلاد لهذا الحادث الخطير وأثار دهشة الناس كافة إذ لم يسبق أن تقدمه اعتداء مثله ولم يكن الناس قد عرفوا فى مصر حوادث القتل السياسى منذ عهد بعيد ورغم أن بطرس غالى كان قبطيا إلا أن اغتياله لم يكن كما يذكر اللواء الدكتور /السيد أبو مسل فى كتابه الارهاب والاغتيالات السياسية جريمة تسبب فيها التعصب الدينى بين المسلمين والاقباط رغم استغلال إنجلترا لها لاثارة الفتنة الطائفية وإنما كان السبب كما اعترف بذلك المتهم االاعتراض على اتفاقية السودان التى وقعها بطرس غالى عام 1899م عندما كان وزريرا للخارجية فموجب هذه الاتفاقية تم استيلاء الانجليز على السودان الذى كان جزءا من مصر واعتبر السودان شركة بين مصر وإنجلترا التى عنيت لها حاكما إنجليزيا فى السودان وهكذا فإن ( إبراهيم ناصف الوردانى ) اعتبر بطرس غالى مسئولا عن فقد مصر للسودان وسيطرة انجلترا على السودان ويضاف إلى ذلك قيام بطرس غالى برئاسة المحكمة الخاصة التى تشكلت لمحاكمة الفلاحين من أهالى قرية دنشواى اوالتى انتهت الى اعدام 4 من أهالى دنشواى والاشغال الشاقة بمدد مختلفة على 12 متهما والجلد على هؤلاء المتهمين .
ولكن .... من هو المتهم؟!!
اسمه/ إبراهيم ناصف الوردانى
سنه / 24 سنة
دراسته/ سبق له أن درس الصيدلة فى كلية الصيدلة بلوزان بسويسرا ثم درس الكيمياء فى انجلترا قبل أن يعود ليمارس الصيدلة فى صيدلية امتلكها فى حى عابدين
اشتهر هذا الشاب بوطنيته وعبر عن ذلك فى مقالات نشرتها الصحف له
وكان من شباب الحزب الوطنى الذى اسسه مصطفى كامل باشا عام 1907م
كما أنه أسسس جمعية أطلق عليها (جمعية التضامن الأخوى )كانت تشترط فيمن ينضم إليها أن يكتب وصيته .
هذا السجال الوطنى للمتهم دفع الكثيرين للدفاع عنه على أساس أنه شاب وطنى وأن الدافع إلى جريمته سبب سياسى أساسه ما يرتكبه الانجليز فى حق مصر ومن ناحية أخرى أراد الانجليز وصف الجريمة على أنها من جرائم التعصب الاسلامى ضد المسيحيين لكن المصريين أجمعوا على أن الوردانى شاب وطنى لا يعرف التعصب.
وتولى الدفاع عن المتهم مجموعة من المحامين وفى محكمة جنايات مصر كانت الدائرة برياسة الانجليز وكان من أهم ما أثارته المحكمة سؤال الاطباء الذين أسعفوا بطرس غالى أنه كان يمكن أن يعيش لولم تجر له العملية الجراحية التى أجروها له بعد الحادث وعلى الرغم من ذلك إلا تمت إحالة اوراق القضية الى المفتى والذى أخذ برأى الدفاع فى إحالة المتهم إلى لجنة طبية ولم يصدق على الحكم بإعدام المتهم ولكن المحكمة لم تلتزم برأى المفتى الاول مرة فى تاريخ مصر القضائى وقالت إن رأى المفتى مجرد إجراء شكلى واستشارى وأصدرت حكمها بإعدام إبراهيم الوردانى ونفذ الحكم فى 28/6/1910م.
اعتبر المصريون الجريمة سياسية وظل إبراهيم الوردانى فى نظر الكثيرين بطلا مصريا وسماه البعض (غزال البر) فى الوقت الذى أصدرت الحكومة قرارا غريبا يحرم على أى مصرى الاحتفاظ بصورة الوردانى وفى ليلة تنفيذ حكم الاعدام أحس الكثيرون بموعد التنفيذ فخرجت المظاهرات التى ضمت شباب المدارس وانطلقت فى الباد أغنية رددها الكثيرون بالحزن والاسة تقول كلماتها :
قولوا لعين الشمس ما تحماشى .... أحسن غزال البر صابح ماشى